مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ١٩٦
مكذوبة عليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا أصل لها في واقع التشريع، ويكذبها القرآن الكريم، وتشن السنة المطهرة - نفسها - حربا شعواء على تلك الروايات وتدفعها، لمخالفتها الصريحة لتطلعات دين الإسلام نحو الكتابة والتعلم والسعي في طلبه، وبيان فضله حتى ورد في الخبر: " عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد " (1) و " لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج " (2)، فضلا عن مخالفتها لمقتضيات العقل السليم، وطبيعة الحضارات في كل زمان ومكان.
غاية ما في الأمر.. أنه - وبعد وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) - مر حديثه الشريف بأزمة خانقة، ومواقف سلبية أدت إلى الحظر عليه رواية، ومنعه تدوينا، حتى اتسمت تلك المواقف بتصرفات شاذة، كحرقهم صحائف الحديث الشريف، ودفنهم كتبه، وحبس الصحابة في مركز الخلافة خوفا من تفشي الحديث خارج المدينة المنورة، مع النهي العام عن تعاطي الحديث رواية وتدوينا!!
لقد تركت تلك المواقف آثارها السيئة على واقع الحديث، إذ غيرت السنة، ومحقت الشريعة، وذلك بتمهيد السبل أمام الأيدي الآثمة من الزنادقة، وأهل الأهواء، لأن تعبث بالحديث الشريف، فتضع ما شاء لها الهوى لا سيما من تقرب إلى بلاط الأمويين باختلاق الروايات التي تؤيد عروشهم، وتنال من خصومهم السياسيين، كما تشهد عليه الكتب المؤلفة في الموضوعات والوضاعين.
وبدلا من أن تجتمع الكلمة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على صيانة

(١) أصول الكافي ١: ٨٢ ح ٨، باب ٢ من كتاب فضل العلم.
(٢) أصول الكافي ١: ٨٥ ح 5، باب 4 من كتاب فضل العلم.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست