المواقف الحكومية الأولى من تدوين الحديث الشريف في تاريخ الحديث الشريف موقفان متعارضان، تميز أحدهما بالتزام تدوين الحديث الشريف والحفاظ عليه، ويمثله أهل البيت (عليهم السلام)، وشيعتهم كما سيتضح في ما بعد.
وتميز الآخر - وهو الخط الحاكم الذي برز بعد أحداث السقيفة وامتد إلى زمان عمر بن عبد العزيز الأموي (ت 101 ه) - بمواقف سلبية متطرفة جدا، حتى منع الحديث رواية وتدوينا، واتخذ المنع صفته الرسمية طيلة تلك الفترة، وسنبتدئ بدراستها وتقييمها على النحو الآتي:
موقف أبي بكر من الحديث الشريف:
عن عائشة، قالت: جمع أبي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلب... فلما أصبح قال: أي بنية، هلمي الأحاديث التي عندك. قالت: فجئته بها، فدعا بنار فحرقها! فقلت: لم أحرقتها؟!
قال: خشيت أن أموت وهي عندي، فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت [به]، ولم يكن كما حدثني، فأكون قد نقلت ذلك (1)!!