ولا يستولى عليها بالقرابة والصحابة.
ثم إني أقول: إن أبا عثمان أخطأ في قوله: (إن أحدا لا ينال الرئاسة في الدين بغير الدين).
بيانه: أنه لو تخلى صاحب الدين من السداد ما كان أهلا للرئاسة، وهو منع أن ينالها أحد إلا بالدين، والاستثناء من النفي إثبات حاضر في غير ذلك من صفات ذكرتها في كتابي المسمى (بالآداب الحكمية) متكثرة جدا، ومنها ما هو ضروري، ومنها ما هو دون ذلك.
ومن بغي عدو الإسلام أن يأتي متلفظا بما تلفظ به، وأمير المؤمنين عليه السلام الخصم، وتيجان شرفه المصادمة، ومجد سؤدده المدفوع، إذ هو صاحب الدين، وبه قام عموده، ورست قواعده، وبه نهض قاعده، وأفرغت على جيد الإسلام قلائده.
وأقول بعد هذا: إن للنسب أثرا في الرئاسة قويا.
بيانه: أنه إذا تقدم على أرباب الشرف النسبي من لا يدانيهم، وقادهم من لا يقاربهم ولا يضاهيهم، كانوا بالأخلق عنه نافرين آنفين، بل إذا تقدم على أهل الرئيس الفائت غير عصبته، وقادهم غير القريب الأدنى من لحمته، كانوا بالأخلق عنه حائدين متباعدين، وله قالين، وذلك مظنة الفساد في الدين والدنيا، وقد ينخرم هذا اتفاقا، لكن المناط الظاهر هو ما إليه أشرت، وعليه عولت.
وأقول: إن القرآن المجيد لما تضمن العناية بالأقربين من ذرية رسول الله صلى الله عليهم ومواددتهم، كان ذلك مادة تقديمهم مع الأهلية التي لا يرجح غيرهم عليهم فيها، فكيف إذا كان المتقدم عليهم لا يناسبهم فيها ولا يدانيها؟!