لماذا لا يكون تصفح الأحوال قرينة على دفع شبهة التكفير أو التفسيق، مع الابقاء على ما تفيده ظواهر كلماته المتعددة المتعاضدة من استحقاقه الإمامة بالنص؟! خصوصا مع وفرة ما يؤيدها من نصوص نبوية متفق عليها؟!
إنهم لو فعلوا ذلك لأصابوا حقيقة لا يضطربون بعدها، ولا يفرطون بهذا الكم الكبير من الأحاديث الهادية - أحاديث النبي وعلي - نفيا، أو تأويلا يشبه التعطيل..
ولو فعلوا ذلك لأتلفوا من بعد اختلاف، ولعادت الطوائف التي تعددت أمة واحدة كأن لم تختلف قط، ولعاد الاختلاف الذي عقب وفاة النبي (ص) درسا من دروس التاريخ لا يستهوي أحدا أبدا..
ولو فعلوا ذلك لارتفعوا كثيرا فوق مواطن الاضطراب التي تكشف عن ضعف وهزيمة ورغبة مذهلة في غلق ذلك الملف..
إن الشيعة الذين تمسكوا بهذه النصوص من دون تأويل، لم يلزموا أنفسهم تكفير أحد بناء على هذه النصوص، بل استبعدوه كثيرا.. (234).
لكن المعتزلة حين ابتكروا مقولتهم التي تميزوا بها، مقولة المنزلة بين المنزلتين، فمرتكب الكبيرة عندهم ليس بكافر، لكنه أيضا ليس بمؤمن، إنما هو فاسق! فحينئذ وجدوا أنفسهم مضطرين إلى القول بفسق عدد كبير من الصحابة لو أنهم أخذوا بظاهر تلك النصوص! فلم يذهبوا إذا إلى تعديل مقولتهم عملا بالنصوص وموافقة لتصفح الأحوال، بل ذهبوا إلى تأويل النصوص حفظا لسلامة مقولتهم!
وهذا هو الخطر الكبير الذي يرتكبه التقليد المذهبي، فمقولة المذهب