ويلحظ المتتبع لتأويلات ابن تيمية في هذا القسم من الحديث أنه قد تأثر كثيرا بطريقة القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه (المغني) وأخذ عنه كثيرا من تأويلاته.. لكن الفارق يبقى كبيرا بين الطرفين، فمنزلة علي عند المعتزلة هي أسمى منها بكثير عند ابن تيمية!
فحين لا يريد ابن تيمية لحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) أن يتجاوز حدود المحبة التي يشاركه فيها جميع المسلمين، فلا مزية فيه لعلي على أحد! (241).. يرى فيه المعتزلة لعلي منزلة لا يشاركه فيها أحد، فإذا أوجب النبي (ص) موالاته (ع) ولم يقيده بوقت فيجب أن يكون باطنه كظاهره في سائر الأوقات، وهذه منزلة عظيمة تفوق منزلة الإمامة (242)، ويختص بها هو دون غيره (243).
ويبالغ ابن تيمية فينكر الشطر الثاني من الحديث (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) (244) لأنها قادحة بلا شك بمبدأ (عدالة الصحابة)! ولأنها ستلزمه قطعا البراءة من رجال دخلوا في عداد الصحابة لم يتورعوا في إظهار بغضهم لعلي وعدائهم له ومحاربتهم إياه، فيما لم يتردد المعتزلة في القول بهلاك هؤلاء! (245).