ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) * (49).
قالوا: الخطاب هنا للصحابة، فوجب أن يوجد في جماعة منهم خلافة يتمكن بها الدين، ولم يوجد على هذه الصفة إلا خلافة الخلفاء الأربعة، فهي التي وعد الله بها (50). حتى صرح بعضهم بأن الآية نازلة فيهم، أو في أبي بكر وعمر خاصة! (51).
وهذا الاستدلال ضعفه المفسرون بأمرين:
الأول: ما ذهبوا إليه من أن المراد في هذه الآية هو (الوعد لجميع الأمة في ملك الأرض كلها تحت كلمة الإسلام، كما قال عليه الصلاة والسلام:
(زويت لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها)). وأن (الصحيح في هذه الآية أنها في استخلاف الجمهور، واستخلافهم هو أن يملكهم البلاد ويجعلهم أهلها.
وأن هذه الحال - التي تصفها الآية - لم تختص بالخلفاء حتى يخصوا بها من عموم الآية، بل شاركهم في ذلك جميع المهاجرين، بل وغيرهم.
ألا ترى إلى إغزاء قريش المسلمين في أحد وغيرها، وخاصة الخندق، حتى أخبر الله تعالى عن جميعهم فقال: * (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا) * (52).
ثم إن الله رد الكافرين لم ينالوا خيرا، وأمن المؤمنين وأورثهم أرضهم