أ - ابن الأثير:
في كتابه الكبير (الكامل في التاريخ) تابع الطبري في نصوصه ومنحاه، فنقل ما اختاره الطبري كاملا أو أوجزه في أغلب الأحيان، ولم يخالفه في شئ أثبته، ولا عارضه على إسناد ضعيف ولا متن منكر، بل على العكس حاول توثيق كل ما جاء فيه.
قال ابن الأثير في مقدمة كتابه وهو يعرف بمنهجه ويذكر مصادره:
(أقول: إنني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد... فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري، إذ هو الكتاب المعول عند الكافة عليه، والمرجوع عند الاختلاف إليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه، لم أخل بترجمة واحدة منها...).
وقال: (فلما فرغت منه أخذت غيره من التواريخ المشهورة فطالعتها وأضفت منها إلى ما نقلته من تاريخ الطبري ما ليس فيه... إلا ما يتعلق بما جرى بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم...).
هذه هي النقطة الخطيرة التي استوعبت تلك المرحلة الحساسة من تاريخ الإسلام، فما هو موقف ابن الأثير إزاء ما فيها من أحداث حاسمة في تشخيص الحقائق؟
قال ابن الأثير مواصلا كلامه: (إلا ما يتعلق بما جرى بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئا..
وإنما اعتمدت عليه من بين المؤرخين، إذ هو الإمام المتقن حقا، الجامع علما وصحة اعتقاد وصدقا) (65).
فهل غفل ابن الأثير عما قدمه الطبري على مروياته من أسانيد، وما صرح