مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٨ - الصفحة ٤٦
ولم يكن الطبري وحده ضحيته، بل هذه الأجيال التي عرضت لها الأباطل وكأنها الحقائق، ورسم لها تاريخ الإسلام منكوسا على رأسه وهي تخال أنه قائم على قدميه!
وهكذا تستولي الأباطيل على عقائد الناس، حين يغتر الناس بكلام معسول كديباجة ابن الأثير هذه...
ب - ابن خلدون: ابن خلدون أيضا يؤكد اعتماده على ما نقله الطبري دون غيره، ثم يزيد على ذلك فيهاجم المؤرخين الذين نقلوا أخبارا غير التي نقلها سيف بن عمر والعاذرون، فيقول بعد أن فرغ من ذكر وقعة الجمل:
(هذا أمر الجمل ملخصا من كتاب أبي جعفر الطبري، اعتمدناه للوثوق به، ولسلامته من الأهواء الموجودة في كتب ابن قتيبة وغيره) (67).
وفي موضع آخر وبعد أن فرغ من الكلام في أمر الخلافة الإسلامية، قال:
(هذا آخر الكلام في الخلافة الإسلامية وما كان فيها من الردة والفتوحات والحروب، ثم الاتفاق والجماعة، أوردتها ملخصة عيونها ومجامعها من كتاب محمد بن جرير الطبري، وهو تاريخه الكبير، فإنه أوثق ما رأيناه في ذلك، وأبعد عن المطاعن والشبه في كبار الأمة وأخيارها وعدولها من الصحابة والتابعين.
فكثيرا ما يوجد في كلام المؤرخين؟؟؟ مطاعن وشبه في حقهم أكثرها من أهل الأهواء، فلن ينبغي أن تسود بها الصحف) (68).
إن ما قيل في حق ابن الأثير يقال هنا أيضا في حق ابن خلدون.

(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست