مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ٤٢
وهذا الكلام يوهم أن الشريعة الغربية خالفة، ولم تنشأ في عصر معين.
ولا بيئة خاصة، ولم تسق في النطاق التأريخي للعصر الذي وضعت فيه!
مع أنا لو لاحظنا سرعة (التقدم العلمي) الفائق في هذا العصر، لرأينا أن كل يوم يمضي على أهله فهو بمنزلة عقد (10 سنوات) من الزمن الماضي، فإذا كانت الإشكالية على الشريعة الإسلامية إنما هي تقيدنا بنطاق تاريخي محدد، فكل ما يسنه الغرب من شرائع فهو كذلك مقيد بنطاقه الزمني، ويصبح بعد فترة وجيزة تاريخيا بائدا، بل إن التقدم العلمي السريع يكشف عن أخطاء التشريعات، بنفس الدرجة التي يتقدم بها العلم والتكنولوجيا، وبذلك لا تبقى الثقة مستمرة بالتشريعات الغربية! فلماذا الدعوة الجادة هذه إلى التزام التشريع الغربي، على حساب الشريعة الإسلامية؟!
أما إذ كانت ملاكات التشريع في الغرب، هي (المصالح والمفاسد) البشرية، فهي لا بد أن تستقر ولا تكون عرضة للأهواء، ولا تتأرجح بإرادات سلطوية، تشرع ما يحب أن يتغير، لأن المصالح البشرية ثابتة ومستقرة وهي عامة لكل البشر لا تفرق بين عنصر وعنصر، ولا شعب وشعب، ولا زمان وزمان، ولا طائفة وطائفة، وهذا هو ما ابتنيت الشريعة الإسلامية عليه، لأنها تتبع إرادة السماء، بعد الاعتقاد بوجود (الله) العالم بمصالح عباده وما يفسد وجودهم، ولذلك فإن شريعة الإسلام، هي (إلهية) قبل أن تكون (أرضية) و (دين الله لا يقاس بالعقول) و (حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة).
هكذا يفكر المسلمون، ويلتزمون بشريعة الإسلام، بعد أن وجدوا في هذا الدين الطريق الصالحة للحياة، والشريعة الموافقة للعقل والعدل والوجدان، والبعيدة عن الظلم والعدوان، وبعد أن جربت الجماهير - طوال القرن الماضي وما سبقه - حضور الأنظمة المختلفة المستبدة والقبلية والملكية والجمهورية الغربية، وذاقت الأمرين من النظم المدعية للحرية والتابعة
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست