والأصيلة للتراث الإسلامي - كما أشرنا قبل قليل -.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن عدد الكتب التي حقهها ونشرها هؤلاء في مدة ثلاثة قرون ونصف تقريبا، كان نحو (200) مائتي كتاب، في عموم البلاد الأوروبية، بينما حقق ونشر في بلد واحد من بلدان العالم الإسلامي، وهو إيران، ما لا يقل عن (1000) ألف كتاب ورسالة باللغة العربية حتى اليوم - كما سنلاحظ ذلك في القائمة الملحقة بهذا البحث -، مع أن منهج التحقيق الحديث للتراث العربي الإسلامي، عرف في إيران منذ فترة لا تزيد على خمسين عاما فقط، وإن كان نشر الكتاب العربي في المطابع الإيرانية قد ظهر منذ فترة طويلة (63).
لقد بلغ إسهام بلد إسلامي واحد في تحقيق ونشر التراث العربي الإسلامي في مدة لا تزيد على خمسين عاما، ما يفوق إسهام أوروبا بمجموعها، أي نحو خمسة أضعاف ما حققه ونشره الأوروبيون، في مدة تقارب ثلاثة قرون ونصف، وهي نسبة ذات دلالة غير عادية، لا سيما إذا عرفنا أن ما نشر في بلدان إسلامية أخرى محققا لا يقل عن ذلك، بل يفوقه في بعض البلاد العربية كمصر مثلا.
فلماذا يصر البعض على أن فضل أوروبا والباحثين من أبنائها في تحقيق ونشر تراثنا لا يماثله شئ؟!، فيخيل إلينا أن هؤلاء أولي إحسان، لا بد أن يشكروا ويكرموا على ما أسدوه من خدمات في هذا السبيل، فيما يتم تناسي عمليات السطو والإغارة، التي كان يتولاها هؤلاء منذ عدة قرون على هذا التراث وأهله، حتى صار جزء كبير منه ومن أنفس نفائسه ونوادره في خزائنهم.
وكذلك تخفى الأهداف الحقيقية التي دفعت الكثير منهم لتصحيح ونشر هذا التراث، كما لا تكشف طريقتهم الاصطفائية في انتخاب ما يريدونه لرسم