على أن الوجادة المقررة كآخر الطرق الثمان لتحمل الحديث وأداته هي أن يعتمد الراوي على وجود الحديث في نسخة مكتوبة، بشرط أن يكون خط الكاتب معروفا، وموثوقا به من حيث الضبط والصحة، لكن الراوي الواجد لم يحصل على الكتاب بطريق السماع والقراءة أو غيرها من الطرق، غير هذه الوجادة.
وأما العثور على كتاب لا يعرف صاحبه ولا كاتبه ولم يوثق بصحته وضبطه، فلا يدخل في البحث عن (الوجادة) المصطلح عليها.
والوجادة - مع شروطها المقررة - عدها البعض كآخر الطرق لبلوغ الحديث إلى الواجد، فيكون متحملا له لوصوله إليه، وأنه خير من التزام الرأي.
إذن، فالكتابة الموجودة بخط معروف، ليس من المختلف فيه، أو هو معتمد عليه عند الأكثر، وبهذا يعرف وجه المهاترة في قوله: (حتى لو علم كاتبها) إذ لو لم يكن لذلك أثر، فما هو الذي دفعه إلى فرضه؟!
4 - وفي ص 47 - 48، يقول - بعد نقل أحاديث إباحة التدوين -:
(هذه تثبت أنه (ص) رخص بكتابة أحاديثه لبعض أصحابه، ممن كانوا يعرفون القراءة والكتابة، وهذا القول - وإن كان صحيحا - كتابا يقرؤه الناس، كالقرآن، وأن كل الأدلة تشير إلى أنه رخص لبعض أصحابه ممن كانوا يحسنون القراءة والكتابة، بكتابة أحاديثه من أجل حفظها، وكان الناس الذين يكتبونها يتلفونها إذا حفظوها، ولو صح أن النبي (ص) أباح كتابة السنة ليجعل منها كتاب ككتاب الله يقرؤه الناس على نحو ما حدث في القرن الثالث الهجري، لما بدر من جانب الصحابة هذا التشدد في منع كتابتها، والذي وصل درجة التحريم، وقد قضت السنة قرابة القرن من الزمن والمسلمون يحرمون كتابتها، أما الصحف فلم يصل شئ منها إلى الرجال