مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٤ - الصفحة ٨٩
بضبعه، وشق الالهام عن بصره وسمعه، وختمت آداب الدين في عراص طبعه، بذكره ينشرح الصدور، وفلك الفصاحة [على] قطبه وخاطره يدور.
وقال في ص 108 بعد شرح قوله عليه السلام: " تخففوا تلحقوا.. ":
ثم مدح السيد هذا الكلام بألفاظ تشفي القرائح القريحة والجوارح الجريحة (17)، وأنا أقول: هذه ألفاظ علوية، يحكي تورد الأشجار، وتنفس الأسحار، ودرر السحاب، ودرر السخاب، فيها ملح كيواقيت السحر، وفقر كالغنى بعد الفقر، ومواعظ تقود المستمعين إلى الطاعة والانقياد والإذعان، تجري في القلوب مجرى المياه في عروق الأغصان، لو تليت على الحجارة لانفجرت منها عيون الماء، أو على الكواكب لانتثرت من آفاق السماء.
وقال في ص 378 بعد الانتهاء من شرح وصيته إلى ابنه الحسن عليهما السلام:
ولو سودت في شرح هذه الوصية، التي جمع فيها أمير المؤمنين عليه السلام جميع ما يحتاج إليه البشر، طاقات من القراطيس، لما قرب من فوائدها بنصف عشرها أو أقل، ومن له ذوق علمي وعملي فإنه يكفيه ما أشرت إليه، ومن كان بخلاف ذلك فالقليل والكثير من البيان عنده سواء.

(17) قال الشريف الرضي رحمه الله بعد هذا الكلام: هذا الكلام لو وزن بعد كلام الله سبحانه وبعد كلام رسول الله صلى الله عليه وآله بكل كلام لمال به راجحا، وبرز عليه سابقا.
فأما قوله عليه السلام: " تخففوا تلحقوا " فما سمع كلام أقل منه مسموعا، ولا أكثر محصولا، وما أبعد غورها من كلمة! وأنقع نطفتها من حكمة! وقد نبهنا في كتاب (الخصائص) على عظم قدرها وشرف جوهرها.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست