قالت: أوذاك أحب إليك؟ قال: نعم. فدخل فاعتذر إليها وكلمها فرضيت عنه.
ولنختم هذا البحث بما قاله الأستاذ العقاد... ".
أقول:
أولا: ما نسبه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أنه قال: " إنا معشر الأنبياء... " ليس مما ثبت واتفق عليه المحدثون، بل هو شئ تفوه به أبو بكر وحده! ولم ينقل عن غيره من الصحابة أنه سمعه من رسول الله، ولم يسمع هذا النقل حتى من أبي بكر قبل تلك الساعة التي اخترع فيها هذا الكلام، ولذا فقد نص بعض أكابر الحفاظ كالإمام الحافظ البارع ابن خراش على أنه حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وثانيا: قد ثبت في محله أن فدكا نحلة من رسول الله نحلها إياها، وكانت فاطمة تملك فدكا في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إنها بعد أن أصر أبو بكر على غصب فدك منها رجعت وطالبت به وبغيره بعنوان الإرث، واستدلت بالكتاب والسنة، فلم يخضع أبو بكر للكتاب وأبى أن يعمل بأحكامه، فطالبت للمرة الثالثة بعنوان الخمس.. فلما رأته " صارما " في مخالفة الكتاب والسنة هجرته وماتت واجدة عليه.
وثالثا: قد ظهر بما ذكرنا سقوط احتمال أنه لم يبلغها شئ عرفه أبو بكر، أو أنها طالبته بشئ لم يكن من حقها المطالبة به...
ورابعا: ما نقله عن " المسند " لأحمد وأرجع إلى الجزء الأول، الصفحة رقم 4، في سنده: " الوليد بن جميع " هو متفرد بهذا الحديث، وقد ذكر ابن حبان " فحش تفرده، فبطل الاحتجاج به " وقال الحاكم: " لو لم يذكره مسلم في صحيحه لكان أولى. وقال الفلاس: كان يحيى لا يحدثنا عنه " (23).