تسلم هذا الخطأ أو التحريف من حكاه عنه، وإن كان كالحافظ ابن حجر.
وأنا واثق بأن المسألة لو كانت ترتبط بغير الإمامية لكان مصيرها غير هذا - المصير.
وحيث انتهيت إلى هذه المرحلة من البحث، فلا أجدني يراني القارئ الكريم مجازفا أو مغاليا إن قلت: إني أظن ظنا قويا أن ابن القيسراني لا يصح أن يؤخذ كلامه على أنه حكاية لحقيقة وقعت، وأنه صادق في كله، فلعله يرى هذا بعض تدينه وتصوفه [؟!] وأن الكذب إنما صدر لمصالح المذهب الذي يتدين به، لا أنه يتضرر به - كما فسر بعضهم قوله: صلى الله عليه وآله وسلم -:
" من كذب علي متعمدا... " فقال: لم أكذب عليه، وإنما كذبت له!!.
وأما ما نسبه إلى الشريف الزيدي - فإن صح أنه قاله، وما قدمت يكفي للريب في ذلك، بل وأكثر من الريب - فأحيله إلى إخواننا الزيدية، الذين هم أقرب فرق المسلمين إلينا، شدنا وإياهم حبنا وولاؤنا لأهل البيت الطاهر عليهم السلام، وإن اختلفنا في توزيع هذا الحب والولاء والذين نأمل منهم أن يحمونا كما يأملون أن نحميهم، إذا ضامنا البعيد القصي - كما يقول الشريف الرضي، رضوان الله عليه - ونعتذر إليهم عما نسبه ابن القيسراني إلى الشريف الإمامي، ونقول: إنما يريد الشيطان أن يوقع بيننا العداوة والبغضاء ويصدنا عن الولاء الطاهر والحب المشرف.
وأما التعريف بالجارودية فأرجئ البحث عنه إلى مقال تال، إن شاء الله تعالى.