ومع أن أحاديث المهدي، ليست من الرغائب ولا الفضائل، وإنما هي من أمور الغيب التي لا تعلم إلا من قبل الشارع، فهي بمنزلة الأحكام في هذه الجهة، وإن دخلت في العقائد فهي أشد أمرا.
إلا أن غرضنا توضيح ما عليه الكاتب من لتطرف تجاه موضوع بحثه حيث ينحاز إلى التضعيف ويحاول أن يهون أمر تخريجه في الصحاح! إلى هذا الحد.
ثم نراه يقول: فضلا عن أنها - يعني أحاديث المهدي - لا يترتب عليها فعل ولا ترك [ص 186].
وهذا مناف لما ذكره سابقا من أن المهدي المنتظر " أثر في تاريخ أمتنا أبلغ الأثر... فإنه لا يزال حيا يشغل حيزا كبيرا من تفكير الناس ومعتقداتهم " [ص 181]. فإذا لم يكن مهما عند المحدثين، فما بالهم ملأوا من أجله " آلاف الصحائف " ورويت من أجله " مئات الأسانيد "؟!
وما للكاتب يشغل ما يقرب من " خمسين " صفحة من مجلة علمية قيمة ليبحث عنه؟!
إنه لتهافت بين.
ومهما يكن أمر أهميته، فلماذا يحاول الكاتب أن يهون أمر تصحيح أسانيده، بينما هو يصر على تضعيفها وينقل تضعيف ابن خلدون لها، وبعد أن ينقل مقطعا من كلامه حول أحاديث المهدي، يقول: " وقد تتبع ابن خلدون هذه الأحاديث بالنقد وضعفها حديثا حديثا " [ص 187].
ثم ينسب إلى ابن حجر أنه أحصى الأحاديث المروية في المهدي فوجدها نحو " الخمسين " وقال: إنها لم تثبت صحتها عنده (10).