ولم يعبر أحد عنها كلها بالوضع، ولم يصفها بأنها كلها موضوعة إلا ثلة من المتأخرين، ممن لا خبرة له بالحديث ومصطلحاته، وتبعهم الكاتب في التعبير (9).
فالكاتب قد جانب الإنصاف في أمرين:
الأول: أنه وصف الأحاديث بأنها موضوعة، من دون أن يعرف معنى " الوضع " ولا أن يفرق بينه وبين " الضعف ".
وهذا ممن يدعي الاجتهاد في نقد الحديث أمر بعيد! إلا أن نحمله على اعتماد التقليد في هذه التسمية لمن لا خبرة له في المصطلح كأحمد أمين، وابن محمود القطري وأضرابهما.
الثاني: أنه نقل عن بعض من سبقه الحكم بضعف أحاديث المهدي، كابن خلدون، وابن حجر، وغيرهما.
ولم يشر - لا من قريب ولا بعيد - إلى أن هناك جمعا غفيرا من المحدثين الذين صححوا أحاديث المهدي.
أهذا التصرف يصدر ممن يحاول " نقد الحديث " بالطرق العلمية الرصينة؟!
وهو إن اكتفى بذكر تخريجها في الصحاح - مع استثناء البخاري ومسلم!
لكنه قال: الداعي لتخريجها - في نظري! - هو ما ذكره ابن عبد البر كما سبق [ص 186].
ومراده ما سبق أن نقله عن ابن عبد البر من قوله: " وأهل العلم ما زالوا يسامحون أنفسهم في رواية الرغائب والفضائل عن كل أحد، وإنما يتشددون في أحاديث الأحكام " [ص 173].