مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٢ - الصفحة ١٢٤
أول مصنع للورق في مدينة تروا (troyes) شرقي فرنسا عام 1250 م (18)، ثم نمت صناعة الورق فيما بعد في أوروبا فأصبحت إيطاليا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، المركز الرئيسي لصناعة الورق (18).
ومما ينبغي الإشارة له أن صناعة الورق دخلت فرنسا من خلال الأندلس، ومنها انتقلت تلك الصناعة إلى إنجلترا، وأخيرا إلى هولندا حيث صار لها شأن كبير (20).
هذا عرض سريع لرحلة إنتاج الورق، تابعناها منذ الخطوة الأولى في موطن ولادتها في الصين، ثم سمرقند، ثم بغداد، ثم دمشق، والقاهرة، وأخيرا شاطبة، ثم طليطلة في الأندلس، ومنها إلى فرنسا، وبعدها إنجلترا، وأخيرا هولندا.
إن هذه الرحلة الطويلة في اختراع الورق، وانتشار هذا الاختراع من أقصى الشرق حتى أقصى الغرب، وما واكب هذه الرحلة من انبعاث للحركات الفكرية وامتدادها وتغلغلها في عمق الطبقات الشعبية، وما رافق ذلك من تطور حركة البحث العلمي في مختلف العقول، لم يكن ذلك ليتم، لولا شيوع تداول الكتاب وسهولة الحصول عليه، بعد ظهور الانتاج الهائل للورق، وكثرة عدد مصانعه في مختلف مناطق العالم الإسلامي والعالم.
وبذلك يصح القول بأن الأثر الحضاري لظهور الورق، ومن ثم اعتماده كوسيلة أساسية في الكتابة، كان بمثابة ذلك الأثر الذي أنتجه اكتشاف الإنسان للكتابة، وهكذا سنجد أن اكتشاف الطباعة في وقت لاحق، كان بمثابة الثورة المعرفية الثالثة، بعد اكتشاف الكتابة، والورق.
إن لحظة اكتشاف الكتابة، والورق، والطباعة، تمثل كل واحدة منها

(18) الصوفي، د. عبد اللطيف. مصدر سابق. ص 46.
(19) دال، سفند؟. مصدر سابق. ص 80.
(20) ن. م، ص 80.
(١٢٤)
مفاتيح البحث: مدينة بغداد (1)، دمشق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست