وكان أول مصنع للورق أنشئ في مصر نحو عام 900 م، وفي مراكش نحو عام 1100 م، فيما كان أول مصنع للورق أسس في الأندلس في عام 1150 م في مدينة شاطبة، ومنها انتقلت صناعته إلى مدينة طليطلة منذ القرن الثاني عشر الميلادي (13).
وقد انتشر استخدام الورق بشكل واسع وازدهرت صناعته في البلاد الإسلامية، حتى كان يوجد في المغرب العربي فقط مثلا عام 1200 م أربعمائة معمل لصناعة الورق، وكان لازدهار حركة التأليف والإبداع والترجمة، وكثرة المداس ودور العلم، وازدياد عدد طلاب المعارف، الأثر الأساسي في ازدهار صناعة الورق، وزيادة استهلاكه، حتى أصبح الورق من أكثر السلع وفرة في العالم الإسلامي، فمثلا كانت مصر " تنتج الورق لنفسها، وكثر انتاجه لدرجة أن الباعة في القاهرة كانوا يلفون به الخضر والتوابل " (14).
هذا في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تغرق في بحور من الظلمات والانحطاط الفكري، حتى أنه " لم يزد ما قد يكون رآه بعض الأوربيين حينئذ من الورق على قطعة صغيرة متعفنة، أحضرها معه أحد التجار من الشرق على سبيل الطرافة... ولم يلق الورق رواجا في أوروبا لقلة عدد من يعرفون الكتابة " (15).
ولم تظهر صناعة الورق في أوروبا (16)، حتى أواخر القرن الثالث عشر الميلادي، فقد أنشئت للورق في إيطاليا عام 1276 م (17)، وأقيم