مختلف الموضوعات " (7).
وحين نتابع المكتشفات الأثرية في بلدان الشرق القديم، في بلاد فارس وبلاد الشام ووادي النيل والجزيرة العربية، نجد أن الحضارات القديمة التي توطنت في هذه البلاد، في الفترة الموازية لازدهار الكتابة وشيوعها في وادي الرافدين، كانت قد اهتمت بالكتابة، وحاولت تدوين فنونها وآدابها وعقائدها الدينية، كما تؤكد ذلك الألواح والرقم القديمة المكتشفة في مدنها الأثرية.
وبذلك أصبحت الكتابة من أبرز الفنون التي توارثها الإنسان، وسعى إلى تطويرها وتيسيرها، وتهيئة مستلزماتها الأساسية، حتى أسهمت الإنسانية جميعا في المشاركة بهذا الإرث الحضاري الكبير، ففي حين تولد الكتابة بين يدي أمة من الأمم، ومن ثم ينتشر ويعمم استخدامها لدى الأمم الأخرى، تكتشف أمة أخرى تعيش في أقصى الأرض (الصين) صناعة الورق، الذي هو أهم عنصر في الكتابة، فيكون اكتشافها هذا منعطفا جديدا في تأريخ الكتابة وتقدم وسائلها، ثم بعد عدة قرون أخرى تكتشف الطباعة، تلك الوسيلة الأهم التي مثلت أحد أبرز المنعطفات الكبرى، بعد اكتشاف الكتابة، وصناعة الورق، في تأريخ الكتابة والكتاب، حيث أضحت أهم وسيلة للتواصل الفكري، والتنمية الثقافية والتقدم العلمي.
فبعد أن كانت عملية نقل المعارف زمانيا ومكانيا تتم من خلال الكتابة والنسخ باليد، استبدلت اليد بالآلة وصار تكثير الكتاب واستنساخه من أيسر الأعمال، وتم الاستغناء عن أعداد غفيرة من النساخ، وتعويضهم بآلة طباعة واحدة، تتدفق منها آلاف الصفحات في وقت محدود.
إن الكتابة إرث حضاري إنساني، اشتركت كل الأمم في تطويرها وتقنين أساليبها، وتبسيط عملية الاستفادة منها، وإن كان السومريون هم مكتشفوها