مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٨ - الصفحة ١٠٤
العظماء والمجددين في مواجهة الأحداث التي عاصرها، سواء الداخلية التي كانت تجري في مركز وجوده، أم التي كانت تدور في أطراف العالم الخارجية.
فمن المثال للأول:
لما أثار النواصب الشغب في سامراء، وقاموا بإيذاء الطلبة المهاجرين وغيرهم من المسلمين الشيعة، وبدأوا أعمالا استفزازية بإيعاز من الحكام والولاة العثمانيين، فإن السيد قاوم ذلك بالصبر وتحمل المعاناة ولم يحاول أن يقاومها بالقوة والمعاملة بالمثل، حفاظا على سمعة الوحدة بين المسلمين فكان يؤكد على أصحابه بالتحلي بالصبر والتؤدة.
ولما عرض عليه الممثل الإنكليزي التدخل في الأمر لحمايته ضد التصرفات التركية، رفض السيد عرضه، وقال في سبب رفضه: " إن كلبنا غير معلم إن أمرناه لزم، وإن نهيناه لم يفهم! " فذكر بالحقيقة التي ظهرت بعد ذلك، أن الإنكليز وسائر الأجانب إنما يستغلون مثل هذه الأزمات والظروف للتدخل في شؤون البلاد الإسلامية، وهم يقصدون تثبيت مواقع لأقدامهم، وتقوية مراكزهم من خلال ذلك، وهم وإن دخلوا بعنوان المعونة للمظلوم، لكنهم إذا تمكنوا من الدخول في الساحة فسوف يتولون هم الظلم والاعتداء بشكل أشد، ولا يخرجون بسهولة إلا بعد امتصاص الدماء والثروات!
ومن نماذج الثاني:
فتواه التأريخية ضد اتفاقية حكومة الشاه الإيراني، مع شركة إنكليزية لانحصار امتيازها للتنباك (التبغ) الإيراني، فقد تصدى لها السيد بفتوى تحريم استعمال " الدخانيات " بكل أشكالها، وامتثل الشعب المسلم الإيراني برمته أمر السيد، حتى أفلست الشركة، واضطر الشاه إلى فسخ الاتفاقية.
وهكذا نجد الإمام المجدد قد أنجد بلاد الإسلام والأمة الإسلامية من أن تقع تحت نير الاحتلال الاقتصادي في ذلك العصر، مما اعتبر وجوده سدا منيعا أمام أطماع الأجانب الكفرة.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست