أما رأيت في هذه السنين، كيف أحرق الكفار أقطار الأرضين، وأبادوا العالمين، وفعلوا ما لا يصدر من السباع الضاريات؟ إ (1) أيعقل ممن يعتقد بالدين، وعقاب رب العالمين أن يصدر منه بعض هذه المظالم؟!
وكذلك ما صدر من بعض المنتحلين الإسلام من المظالم الفظيعة، فلأجل ضعف العقيدة، بل عدمها في الحقيقة، كما هو مشهور من ابن سعد، ويزيد والوليد، لعنهم الله فوق المزيد.
وأما الأدلة على إثبات المعاد:
فهي كثيرة، فقلناها في كتبنا الشهيرة، ويكفينا أنه مما اتفق عليه جميع المليين، ولم يمنعه عاقل، حتى الكفرة وعبدة الأوثان، فإنهم أيضا يقولون بالثواب والعقاب بعد الموت.
كيف؟! وإلا لزم توجه الظلم والقبح إلى قدس ساحة الواجب تعالى، لأنه خلق الخلق، وأعطاهم القدرة والأسباب، وأمهل الظالمين والعاصين، فقتلوا وآذوا المؤمنين والصالحين، بأعظم الأذيات، ثم لم يأخذ حق المظلومين من الظلمة، ولم يعاقبهم، ولا أثاب المطيعين، بل ابتلاهم حتى ماتوا على اعتماد بها أخبر، وأخر، من مجئ يوم البقاء، ونيل أحسن الجزاء، فهل يجوز عاقل، أو يشك بعد التصور غافل، أن يكذب العزيز