الحق لمذاهب معينة، فها كان دين الله، وما كانت شريعته بتابعة لمذهب، أو مقصورة على مذهب.
فكان في هذه الدعوة الإصلاحية المباركة، وأد كل دعوات التفرقة، ونداءات الشقاق الشيطانية التي كانت تصدر من حناجر النواصب، العملاء لصالح الاستعمار من وراء الستار.
لكن هذه المرة، أسفر الاستعمار عن وجهه القبيح وكشر عن أنيابه، ودخل معركة التفرقة بين المسلمين بكل ثقله، ورجله، وعملائه، فأطلق عفاريت النفاق من جحورهم، فطلعوا من حيث يطلع قرن الشيطان من " نجد " (1) حيث يملك الأعراب الجهلة أزمة الحكم وألسنة الافتاء، فأخذوا يسعرون نيران فتنة التفرقة ويؤججونها من جديد، لصالح الأجانب الكفرة، طمعا في أن يوقفوا السيل الإسلامي الهادر ويصدوا الوعي الإسلامي الجارف، الذي دخل ديار المسلمين وأيقظهم من السبات العميق.
فراح عملاء الغرب، يستعملون نفس الطريقة البائدة، يعلنون عن " تكفير " هذه الفرقة وتلك، طمعا في أن يجدوا لفتاواهم أذنا صاغية.
جهلا منهم بأن المسلمين يعلمون أن تلك الفتاوى إنما هي صادرة ممن ينتمون إلى الفرقة الوهابية التي نبذها علماء المسلمين أجمعون، وحكموا بضلالها وجهل المنتمين إليها بقواعد الدين أصولا وفروعا، وبالمعارف الإسلامية وبالمصطلحات العرفية عموما، حتى مداليل الألفاظ، ومفاهيم الجمل، ومعاريض الكلام.
والطائفة الإسلامية الشيعية ليست هي الوحيدة المستهدفة لهذه الحملات من قبل الوهابيين، بل كل المسلمين الذين يقدسون النبي وأهل البيت والأولياء والصالحين، ويعظمون أسماءهم، ويكرمون مقاماتهم وقبورهم، ويحيون ذكرياتهم، كل أولئك مستهدفون من الوهابية بالتكفير والتفسيق، لإنكارها كل كرامة للنبي وأهل البيت وكل ولي كريم.