من أقصى البلاد، ويمموها من كل فج ووهاد، فحظوا بترحيب حكام المشعشعيين وإجلالهم، وأغدقوا عليهم بالعطاء والصلات، فتجمع أهل العلم والفضل فيها، وبنيت المدارس، وبرز الأساتذة والمدرسون، وقصدها طلاب العلم من جميع أطراف المنطقة.
ومن أبرز تلك المدارس، مدرسة آل أبي جامع العاملي، التي أسست في العقود الأولى للقرن الحادي عشر، وتخرج منها جماعة من رجال العلم والأدب في المنطقة.
ونتيجة لحضور العلماء وسكناهم في الحويزة فقد ألفت فيها الكتب والأسفار ونقلت إليها مخطوطات قيمة من شتى أنحاء المعمورة، واستنسخت فيها نسخ جليلة ونادرة، وتأسست فيها مكتبات عامرة تضم كتبا في أنواع العلوم المتداولة آنذاك.
ومن أهم تلك المكتبات، مكتبة السادة الموالي أمراء الحويزة، التي لا تزال بعض مخطوطاتها موجودة إلى زماننا هذا في المكتبات العالمية وفي إيران والعراق.
وكان علماء هذه المنطقة يمتازون بصبغتهم الأدبية على سواهم بالإضافة إلى تخصصهم في سائر الفنون العلمية، وذلك لأن الأمراء فيها من صميم العرب، يتذوقون الشعر والأدب ويعملون على نشره ورفع مستواه، وكان العلماء والأدباء والشعراء يؤلفون لهم الكتب ويصدرونها بأسمائهم وينظمون القصائد في مدحهم لما يجدونه فيهم من ميل ورغبة في العلم والأدب، حتى أنك لتجد الحاكم منهم يبش وينفرج ويأمر بالصلات السنية من أجل بيتين من الشعر يقعان موقع القبول منه.
ومن جملة من قصد الحويزة ومدح أمراءها الشيخ نجيب الدين علي بن محمد العاملي الشامي، وفد على أمير الحويزة المولى مبارك بن السيد عبد المطلب المشعشعي، المتوفى سنة 1026 ه، ومدحه بهذه المقطوعة:
يا سائلي عن أربي في سفري ومطلبي * لي مطلب مبارك مبارك بن مطلب نجل علي المرتضى سبط النبي العربي * الطيب بن الطيب بن الطيب بن الطيب أمان كل خائف غياث كل مجدب * منيل كل نعمة من فضة أو ذهب في عدله وجوده تسمع كل العجب * الأسد الكاسر لا يخشاه فرخ الثعلب