تحيى بهم كل أرض ينزلون بها * كأنهم لبقاع الأرض أمطار فوالله قسما بارا إنهم كانوا منات الوافد، وملاذ الجاني، وعز الجار، لم تخط أقدامهم لريبة، ولم تنطق ألسنتهم بغيبة، ولم ترمق أعينهم لدنس ومعيبة، لم أدر لأي فضائلهم أذكر، لتلك المضائف المعهودة، أم لتلك المباني المشيودة، أم لتلك الموائد المورودة... (1).
وفي الجملة فإن الأدب الشيعي قد بلغ في الحويزة ذروته في القرون الأربعة الماضية بفضل إرشاد العلماء واهتمام الحكام الموالي أمراء الحويزة، وقد ذكرت في كتابي " الياقوت الأزرق في أعلام الحويزة والدورق " من علماء الحويزة وأدبائها وشعرائها والمفسرين والمحدثين فيها أكثر من مائة وأحد عشر رجلا، ترجمت لهم بها وصل إلي من حياتهم العلمية والأدبية وذكر نماذج من أدب كل منهم، نشرت " مجلة الموسم " (2) اللبنانية فهرسا لأسمائهم حسب حروف الهجاء مع ذكر تاريخ وفياتهم.
أما الدورق: فإنه ثالث المدارس الأدبية بعد الكوفة والبصرة، ولأهله انطباع، وتأثر بالأدب البصري، وهو أقدم حضارة من الحويزة ومن البصرة أيضا، إذ أن البصرة مصرت على عهد الخليفة الثاني، بينما كان الدورق بلدا حافلا بمعالم الحضارة قبل الإسلام، وفتحته الجيوش الإسلامية سنة 16 هجرية بقيادة أبي موسى الأشعري، وارتفع عدد سكانه لخصبه وقربه من الحدود الشرقية للعراق.
وقد طبعت الحوادث التاريخية مدى القرون طابعا شيعيا على أهل الدورق بعد أن كانوا شيعة في العقيدة منذ القدم، فنشأ فيها رجال كبار في عالم التشيع، عاصر بعضهم أئمة أهل البيت عليهم السلام ورووا عنهم، وخدموا المذهب والعلم والأدب بما لا مزيد عليه، كالثقة الجليل علي بن مهزيار الدورقي، الذي كان حيا سنة 229 ه