مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٦ - الصفحة ١٧٢
اجتمعوا عل مائدة شبعها قصير، وجوعها طويل ".
" لقد بصرتم إن أبصرتم، وأسمعتم إن سمعتم، وهديتم إن اهتديتم ".
" تخففوا تلحقوا ".
" إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل. فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة... فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن كل ولد سيلحق بأمه يوم القيامة ".
وفي كتبه يقول لابنه الحسن بن علي: " أحي قلبك بالموعظة، وأمتها بالزهادة، وقوه باليقين، ونوره بالحكمة، وذلله بذكر الموت... وبصره فجائع الدنيا... فأصلح مثواك، ولا تبع آخرتك بدنياك... وعود نفسك التصبر.... وإياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهل الدنيا إليها، وتكالبهم عليها.... ".
وللأشتر النخعي لما ولاه مصر:
" وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات، ويزعها عند الجمحات، فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم الله ".
ويقول لنفسه أيضا:
" إليك عني يا دنيا، فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك، وأفلت من حبائلك... اغربي عنى، فوالله لا أذل لك فتستذليني، ولا أسلس لك فتقوديني ".
ولكن الإمام عليا كان يقف في وجه الأمواج التي ركبها عبدة الأهواء في هذه المرحلة الحائرة من مراحل التاريخ الإسلامي. فمن هنا يتضح روح هذه المرحلة التاريخية التي هي أكثر مراحل التاريخ دلالة على امتداد الصراع بين المثال والواقع، حتى ما تكاد تشبهها مرحلة أخرى من مراحل هذا التاريخ في قوة دلالتها عليه.
وقد أدرك معاوية سر هذه المرحلة واستكان له، إذ كان الشاهد عليه في معسكر خصمه أشد شخوصا منه في معسكره هو. ولكن الإمام عليا أبى أن يستكين:
" والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنا... وسأجهد في أن أطهر الأرض (أنظروا إلى عظمة الحلم الإنساني) من هذا الشخص المعكوس
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست