وهو - من غير ريب - وهم منه، وبخاصة أنه حدد الموضع بأنه على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة الطريق، حيث لا يوجد عند هذه المسافة بين الجحفة وعسفان موضع يعرف بهذا الاسم.
والظاهر أنه نقل العبارة التي تحدد المسافة بثلاثة أميال من الجحفة يسرة الطريق من " معجم ما استعجم "، ولم يلتفت إلى أن البكري يريد بيسرة الطريق الميسرة للقادم من المدينة إلى مكة، وليس العكس، فوقع في هذا التوهم.
قال البكري في معجمه 2 / 368: " وغدير خم على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة عن الطريق "، - وكما قلت - يريد بالميسرة جهة اليسار بالنسبة إلى القادم من المدينة إلى مكة بقرينة ما ذكره في بيان مراحل الطريق بين الحرمين ومسافاتها عند حديثه عن العقيق في ج 3 ص 954 - 955، حيث بدأ بالمدينة، قال: " والطريق إلى مكة من المدينة على العقيق: من المدينة إلى ذي الحليفة... ".
ونخلص من هذا إلى أن غدير خم يقع في وادي الجحفة على يسرة طريق الحاج من المدينة إلى مكة، عند مبتدأ وادي الجحفة حيث منتهى وادي الخرار.
ومن هنا كان أن أسماه بعضهم بالخرار - كما تقدم -.
ولعل علة ما استظهره السمهودي في كتابه وفاء الوفا 2 / 298 ط 1، من أن الخرار بالجحفة هو ما أوضحته من أن غدير خم مبتدأ وادي الجحفة، وعنده منتهى وادي الخرار.
ويؤيد هذا الذي ذكرته قول الزبير - الذي نقلته آنفا عن معجم ما استعجم 2 / 492 - من أن الخرار واد بالحجاز يصب على الجحفة.
وقد يشير إلى هذا قول الحموي في معجم البلدان 2 / 350: " الخرار.... وهو موضع بالحجاز، يقال: هو قرب الجحفة ".
وعبارة عرام التالية تؤكد لنا أن الغدير من الجحفة، قال - كما نقله عنه الحموي في معجم البلدان 2 / 389 -: " ودون الجحفة على ميل غدير خم، وواديه يصب في البحر "، حيث يعني بواديه وادي الجحفة لأنه هو الذي يصب في البحر حيث ينتهي