وأحمد: (إن أبا بكر صلى للناس ورسول الله في الصف) والحديث عند أحمد: (صلى رسول الله خلف أبي بكر قاعدا) وعنده أيضا: (وصلى النبي خلفه قاعدا).
ومن هنا كان هذا الموضع من المواضع المشكلة عند الشراح، حيث اضطربت كلماتهم واختلفت أقوالهم فيه... قال ابن حجر: (وهو اختلاف شديد) (169).
فابن الجوزي وجماعة أسقطوا ما أفاد صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلف أبي بكر عن الاعتبار، بالنظر إلى ضعف سنده، وإعراض البخاري ومسلم عن إخراجه (170) قال ابن عبد البر: (الآثار الصحاح على أن النبي هو الإمام) (171) وقال النووي: (كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر كان هو الإمام والنبي مقتد به، لكن الصواب أن النبي كان هو الإمام وقد ذكره مسلم) (172).
لكن فيه: أنه إن كان دليل الرد ضعف السند، فقد عرفت أن جميع ما دل على أمره أبا بكر بالصلاة ضعيف، وإن كان دليل الرد إعراض الشيخين فقد ثبت لدى المحققين أن إعراضهما عن حديث لا يوهنه، كما أن إخراجهما لحديث لا يوجب قبوله. نعم، خصوم ابن الجوزي وجماعته ملتزمون بذلك.
وعبد المغيث بن زهير وجماعة قالوا: كان أبو بكر هو الإمام أخذا بالأحاديث الصريحة في ذلك قال الضياء المقدسي وابن ناصر: (صح وثبت أنه صلى خلفه مقتديا به في مرضه الذي توفي فيه ثلاث مرات، ولا ينكر ذلك إلا جاهل لا علم له بالرواية) (173).