فقلت: يا رسول الله، ألا أبعث لك إلى أبي بكر؟ فسكت.
ثم قال: لو كان عندنا رجل يحدث.
فقالت حفصة: ألا أرسل لك إلى عمر؟ فسكت.
ثم قال: لا. ثم دعا رجلا فساره بشئ، فما كان إلا أقبل عثمان، فأقبل بوجهه وحديثه فسمعته يقول له: يا عثمان، إن الله عز وجل لعله أن يقمصك قميصا، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه. ثلاث مرار.
فقلت: يا أم المؤمنين، فأين كنت عن هذا الحديث؟!
فقالت: يا بني، والله لقد أنسيته حتى ما ظننت أني سمعته) (119).
قال النعمان بن بشير: (فأخبرته معاوية بن أبي سفيان. فلم يرض بالذي أخبرته، حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إلي به. فكتبت إليه به كتابا) (120).
فانظر كيف أيدت - في تلك الأيام - معاوية على مطالبته الكاذبة بدم عثمان!
وكيف اعتذرت عن تحريضها الناس على قتل عثمان! ولا تعقل عن كتمها اسم الرجل الذي دعاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم - بعد أن أبى عن الإرسال خلف أبي بكر وعمر - وهو ليس إلا أمير المؤمنين عليه السلام... ولكنها لا تطيب نفسا بعلي كما قال ابن عباس، وسيأتي.
فإذا كان هذا حالها وحال رواياتها في الأيام العادية... فإن من الطبيعي أن تصل هذه الحالة فيها إلى أعلى درجاتها في الأيام والساعات الأخيرة من حياة رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وأن تكون أخبارها عن أحواله في تلك الظروف أكثر حساسية... فتراها تقول:
(لما ثقل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال رسول الله لعبد الرحمن ابن أبي بكر: إيتني بكتف ولوح حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه. فلما