رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتشديده عليهم في ذلك؟
قيل له. فعل ذلك عمر احتياطا للدين، وحسن نظر للمسلمين، لأنه خاف أن يتكلوا عن الأعمال ويتكلوا على ظاهر الأخبار وليس حكم جميع الأحاديث على ظاهرها، ولا كل من سمعها عرف فقهها، فقد يرد الحديث مجملا ويستنبط معناه وتفسيره من غيره.
فخشي عمر أن يحمل حديث على غير وجهه، أو يؤخذ بظاهر لفظه، والحكم بخلاف ما أخذه.
وفي تشديد عمر أيضا على الصحابة في رواياتهم حفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وترهيب لمن لم يكن من الصحابة أن يدخل في السنن ما ليس منها! (22).
وفي هذا التوجيه نظر من وجوه:
1 - أما احتياطه للدين: فإنه لم يكن أحد أحرص على هذا الدين من نفس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الصادع بالرسالة، الذي منه صدرت تلك الروايات، وهو قد أمر بنشرها وحث على تبليغها، وأمر باتباعها.
ولو كان في الأحاديث أدنى خطر أو سوء على الدين لما صدرت من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
2 - أن احتياط عمر للدين: لا يقتضي منع الحق الذي سمعه الصحابة الكرام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الصحابة لا ينسبون إلى النبي باطلا، وخاصة مثل أبي ذر - الغفاري، الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر " (23).