مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٨ - الصفحة ٨٩
ومن الأمثلة للثاني، وهو إبطال الحديث باليمين!
أخرج الحاكم عن خمسة من شيوخه بإسنادهم عن علي (عليه السلام)، قال:
" سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجاب: يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى تمر.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه! ".
قال الذهبي في تلخيصه: " لا والله، بل موضوع! " (45).
ومن الأمثلة للثالث...
سئل أحمد بن حنبل عن حديت " أنا مدينة العلم وعلي بابها "؟ فقال: قبح الله أبا الصلت (46)!

(٤٥) المستدرك ٣ / ١٥٣.
وهذا الحديث [يا أهل الجمع غضوا أبصاركم..] رواه أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأبو هريرة وأبو أيوب وأبو سعيد الخدري وابن عمر وعائشة.
فقد أخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات، وعنه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد ٥ / ٩٦.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١ / ١٨٠ و ٢٢ / ٤٠٠، وأخرجه تمام الرازي في فوائده، وعنه الطبري في ذخائر العقبى، وأبو نعيم في دلائل النبوة: ٥٣١ طبعة الهند، والخطيب في تاريخ بغداد ٨ / ١٤١، وأبن المغازلي في مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام): ٣٥٥. وابن الأثير في أسد الغابة ٥ / ٥٢٣، والخوارزمي في مقتل الحسين (عليه السلام): ٥٥. والمحب الطبري في ذخائر العقبى: ٤٨، وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة: ٣١٠ وقال عنه في ص ٣١١: " إسناده صحيح، ورجاله ثقات "، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ٢١٢ عن الطبراني في الكبير والأوسط، وابن حجر في الصواعق: ١١٣.
(٤٦) الموضوعات - لابن الجوزي - ١ / ٣٥٤، وأبو الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، ذنبه الوحيد أنه ممن روى هذا الحديث!
والحديث صححه غير واحد من أئمة هذا الشأن، أولهم يحيى بن معين - إمام الجرح والتعديل عندهم - على تشدده في التوثيق والتصحيح.
ففي " معرفة الرجال " له رواية ابن محرز عنه رقم ٢٣١: وسألت يحيى بن معين عن أبي الصلت عبد السلام ابن صالح الهروي؟ فقال: ليس ممن يكذب.
فقيل له في حديث أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس: " أنا مدينة العلم وعلي بابها
فقال: هو من حديث أبي معاوية، أخبرني ابن نمير، قال: حدث به أبو معاوية قديما ثم كف عنه.
وكرره برقم ٨٣١، ورواه برقم ٨٣٢ عن الفيدي ومتابعا لأبي الصلت، وراجع توثيق أبي الصلت وحديثه في تهذيب التهذيب ٦ / ٣٢٠ - ٣٢١.
ولعلهم هددوا أبا معاوية، فكف عنه ولم يحدث به خوفا على نفسه، قال الصفدي في ترجمة أبي معاوية هذا في الوافي بالوفيات ٢ / 316: " جرى له مع هارون الرشيد حديث، منه: قال هارون: لا يبت أحد خلافة علي بن أبي طالب إلا قتلته! ".
وقد ألف العلامة الكبير المجاهد السيد حامد حسين رحمه الله في تصحيح هذا الحديث واستيعاب طرقه ورواته ومصادره مجلدين ضخمين من كتابه " عبقات الأنوار " وراجع تعريبه للعلامة السيد علي الميلاني في عدة أجزاء.
كما وألف أيضا الصديق الغماري المغربي كتابا مفردا في هذا الحديث وبالغ في تصحيحه ودفع الشبه عنه، مما يدل على خبرة واسعة ومهارة في الفن، وقد طبع مكررا في القاهرة والنجف الأشرف بتحقيق زميلنا العلامة الشيخ محمد هادي الأميني حفظه الله.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست