بذلك على صحته عندهم، كما وقفنا على صحة قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا وصية لوارث) وقوله في البحر: (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)... وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من الإسناد، لكن لما تلقتها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها " (36).
أقول: فما بال حديت الطير مع هذه الكثرة الهائلة من الرواة والطرق، وتلقي الكافة عن الكافة، لم يذعنوا بصحته، ولم يغنهم عن طلب الإسناد! وهو مما احتج به أمير المؤمنين (عليه السلام) عند عد فضائله يوم الشورى على أصحاب الشورى (37) وأقروا بها ولكنهم... فيا لله وللشورى!!
وقد صححه من عدة وجوه من يعترفون له بإمامته في الفن وتفرده في الدنيا (38) وهو الحاكم النيشابوري، نعم نرى الذهبي وهذه الكثرة الهائلة من طرق حديث الطير والأسانيد والروايات قد ملأت عينه، فاعترف بأن الحديث له أصل.
قال: " وأما حديت الطير فله طرق كثيرة جدا! قد أفردتها بمصنف ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل " (39).
بينما نرى ابن كثير بعد أن خصص أربع صفحات كبار من تاريخه ملأها بطرق هذا الحديث وأسانيده ورواته، وسرد أسماء نحو المائة ممن رواه عن أنس فحسب - كما تقدم - قال بعد هذا كله: " وبالجملة ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه!! " (40).
أقول: هذا قلب زاغ عن الحق فأزاغه الله وطبع عليه، فلم تطاوعه نفسه على تصحيح حديث لا يوافق هواه! أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم (41) فلا