ثم نهى عنه (وهو لا يعلم) (٧)، أو سمعه نهى عن شئ ينهي عنه، ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يعلم الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.
ورجل رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مبغض للكذب خوفا من الله تعالى وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم ينس بل حفظ ما سمعه على وجهه فجاء به كما سمع، لم يزد فيه ولم ينقص، وعلم الناسخ والمنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، (ويعلم) (٨) أن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأمر القرآن، وفيه كالقرآن ناسخ ومنسوخ، وعام وخاص، ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الكلام له وجهان: كلام (٩) عام وكلام خاص مثل القرآن، وقال الله تبارك وتعالى في كتابه: ﴿ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو﴾ (10) فاشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يسأله عن الشئ، ولا كل من يسأله فيفهم، ولا كل من يفهم يستحفظ، وقد كان فيهم قوم لم يسألوه عن شئ قط، وكانوا يحبون أن يجئ الأعرابي (أو) (11) الطارئ أو غيره (12) فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يسمعون.
وكنت أدخل عليه في كل يوم دخلة وفي كل ليلة دخلة ، فيخليني فيها يجيبني بما أسأل، وأدور معه حيثما دار، (و) قد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري،