مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ٢٠٢
ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عهده حتى قام خطيبا فقال: (أيها الناس فقد كثر الكذب علي (٢)، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)، (ثم كذب عليه من بعده أكثر مما كذب عليه في زمانه) (٣).
وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس:
رجل منافق، مظهر للإسلام، متصنع للإيمان، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدا، فلو علم الناس (٤) أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رآه وسمع منه، فأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر، ووصفهم بما وصف، فقال عز وجل: ﴿وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة﴾ (5) ثم تقربوا بعده إلى الأئمة الضالة (6) والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصمه الله، فهذا أحدا الأربعة.
ورجل آخر سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ولم يحفظه على وجهه، ووهم فيه ولم يتعمد كذبا، فهو في يده، ويعمل به، ويرويه ويقول:
أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.
ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا أمر به،

(٢) كتاب سليم والمصادر الأخرى: قد كثرت علي الكذابة.
(٣) لم ترد هذه الجملة في بقية المصادر.
(٤) في كتاب سليم: المسلمون، وهو موافق لبقية الرواية.
(٥) المنافقون ٦٣: 4.
(6) في كتاب سليم وغيبة النعماني: أئمة الضلال، وفي بقية المصادر: أئمة الضلالة.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست