مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١٧٦
ب - صفين والفتنة:
1 - فثار أهل الشام في سواد الليل ينادون (عن قول معاوية وأمره): يا أهل العراق، من لذرارينا إن قتلتمونا، ومن لذراريكم إذا قتلناكم، الله الله في البقية، وأصبحوا قد رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح... ومصحف دمشق الأعظم يحمله عشرة رجال على رؤوس الرماح وهم ينادون: كتاب الله بيننا وبينكم...
فقال علي عليه السلام: يا أيها الناس، إني أحق من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وابن أبي سرح وابن مسلمة ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن...
فجاءه من أصحابه زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد، شاكي السلاح، سيوفهم على عواتقهم، وقد اسودت جباههم من السجود، يتقدمهم مسعر بن مذكي وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين: يا علي، أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت إليه وإلا قتلناك (20).
2 - إن عليا عليه السلام لما دخل الكوفة ودخلها معه كثير من الخوارج، وتخلف منهم بالنخيلة وغيرها خلق كثير لم يدخلوها، فدخل حرقوص بن زهير السعدي وزرعة بن البرج الطائي - وهما من رؤوس الخوارج - على علي عليه السلام فقال له - حرقوص: تب من خطيئتك واخرج بنا إلى معاوية نجاهده! فقال له علي عليه السلام: إني كنت نهيتكم عن الحكومة فأبيتم، ثم الآن تجعلونها ذنبا...!؟
أما إنها ليست بمعصية، ولكنها عجز من الرأي، وضعف عن التدبير، وقد نهيتكم عنه، فقال زرعة: أما والله لئن لم تتب من تحكيمك لأقتلنك (21).

(٢٠) شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - ٢ / ٢١٧.
(٢١) شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد المعتزلي - ٢ / ٢٦٨، ومثله في تاريخ الطبري ٥ / ٥٢، ولكنه أورد: قاتلتك، وكذا في الكامل ٣ / 334.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست