أنه ما حظيت شخصية بالتكريم الإلهي والثناء المحمدي - وبهذا الإطناب الرائع - عدا شخصية أمير المؤمنين عليه السلام، وكذا لم ينقل لأحد ما نقل له من هذه الأوصاف والنعوت التكريمية (1)، واغترف الكثيرون من هذا البحر الكبير، في حين تجرأ البعض منهم فخاضوا عبابه، فما استدل معظمهم على مرافئه الآمنة وشواطئه الساكنة، فحلت بهم سفنهم حيث الضلال والانحراف.
فالتجرد الواعي، والنزاهة السليمة لا بد وأن تكون محك البحث، ومقياس الحكم، ومداد الأقلام، حيث أن مئات من السنين العجاف التي ألمت بالعالم الإسلامي لا بد وأن تستوقف كل ذي عقل لبيب، وذهن فطن.
فالصراع الأزلي بين الظلمة والنور، وبين الخير والشر لا يمكن أن يسترسل على منوال واحد وسبيل معروف، ومن الخطأ التسليم بأن لا جديد تحت الشمس، فالتلون أمسى ستارا يستخفي خلفه ذوو المآرب الدنيئة والنفوس الفاسدة.
ولعله من قبيل الأمر المسلم به أن الأمويين وقفوا كالشوكة المدببة، والذئب الضاري، يعمل أنيابه الناتئة وأضراسه الحادة في كل ما خلفه علي عليه السلام نسلا وحرثا وتراثا.
وهذي أمهات المكتبات حبلى من آثار تلك البصمات الوسخة التي حاولت جاهدة أن تخفي نور النهار بمساحة الكف.
وإذا كان الظلم قد أنشب أظافره بادئ ذي بدء بذاك الجسد الطري للصبي الذي كان أول من نطق بالشهادتين (2)، فإن هذا الظلم لازمه ولصق به حتى يومنا هذا، فلذا ما أصدق قوله عليه السلام: (أنا أول من يجثو بين يدي