بني هاشم في هجرانهم إياهم وتباعدهم عنهم، كل ذلك خلافا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمضى ناس من ساداتهم إلى ناس آخرين وأظهروا ندمات على ما كان منهم في شأن الصحيفة، وكان منهم أبو البختري العاص بن هشام والمطعم بن عدي وزهير بن أبي أمية وزمعة بن الأسود وغيرهم، فنقضوا الصحيفة وقالوا: نحن براء مما في هذه الصحيفة. فبلغ ذلك أبو الجهل فقال: هذا أمر خفي بليل. وأما ما قال الشعراء في مثل فقول الأعشى (73):
رحلت سمية غدوة أجمالها * غصبى عليك فما تقول بدالها هذا النهار بدا لها من همها * ما بلها بالليل زال زوالها يقول: إن ارتحالها كان من همهما بالليل ثم ارتحلت نهارا.
وقال الشماخ (74):
سترجع ندمى خسة الحظ عندنا (75) * كما قطعت منا بليل وصالها وقال رجل من كلب:
ظعنوا بليل واستقرت غيرهم * والليل كان إلى النهار رسولا ما للنهار إلي ذنب فاعلموا * والليل هيج لي البكاء طويلا