مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٩١
وأساطين المذاهب.
وهذا أمر اعترف به جميع المؤرخين حتى المتعصبين منهم، فلأجل ذلك يأملون موته، وبزعمهم الباطل يطلبون من الله التخلص منه. فهذا الذهبي في كتابه " العبر في خبر من غير " يقول: " والشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي الكرخي، ويعرف أيضا: بابن المعلم، عالم الشيعة وإمام الرافضة، وصاحب التصانيف الكثيرة. قال ابن أبي طي في تاريخه - تاريخ الإمامية -: هو شيخ مشايخ الطائفة، ولسان الإمامية، ورئيس الكلام والفقه والجدل، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة، في الدولة البويهية.
قال - أي ابن أبي طي -: وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، خشن اللباس. وقال غيره: كان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد. وكان شيخا ربعة نحيفا أسمر، عاش ستا وسبعين سنة، وله أكثر من مائتي مصنف، كانت جنازته مشهورة، وشيعه ثمانون ألفا من الرافضة والشيعة والخوارج، وأراح الله منه [!] وكان موته في رمضان رحمه الله " (1).
ويذكر ابن كثير في تاريخه أن: " عبيد الله بن عبد الله بن حسين أبو القاسم الخفاف، المعروف بابن النقيب، كان من أئمة السنة، وحين بلغه موت ابن المعلم فقيه الشيعة سجد لله شكرا، وجلس للتهنئة، وقال: ما أبالي أي وقت مت بعد أن شاهدت موت ابن المعلم " (2).
نعم، هكذا يتمنون موت من تربى في حجر مدرسة أهل بيت الوحي والرسالة عليهم السلام؟!
فبعد أن مضى من انبثاق الإسلام أكثر من ثلاثة قرون، ما تفتأ السلطة الحاكمة والأيادي الخبيثة المتصلة بها لحظة واحدة عن الضغط والمكر والغدر واللئامة في حق أهل بيت النبوة، وهدم مذهبهم، ومحو الآثار والمعارف الإسلامية

(١) العبر في خبر من غير ٣ / ١٥ و ١١٤، طبع دائرة المطبوعات والنشر في الكويت ١٩٦١.
(٢) البداية والنهاية في التاريخ - لابن كثير - 12 / 18، طبع مطبعة السعادة المصرية.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست