مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ١٨٥
للعبادة إلا سويته وهدمته.
ويدل على هذا المعنى الأخبار الكثيرة الواردة في الصحيحين - البخاري (٢٦) ومسلم - من ذم اليهود والنصارى والحبشة حيث كانوا يتخذون على قبور صلحائهم تمثالا لصاحب القبر فيعبدونه من دون الله، ولعله إشارة إلى بعض طوائف اليهود والنصارى والحبشة حيث كانوا كذلك في القديم فعدلوا واعتدلوا.
أما المسلمون من عهد النبي - صلى الله عليه وآله - إلى اليوم فليس منهم من يعبد صاحب القبر، وإنما يعبدون الله وحده لا شريك له في تلك البقاع الكريمة المتضمنة لتلك الأجساد الشريفة، وبكل فرض وتقدير فالحديث يتملص ويتبرأ أشد البراءة من الدلالة على جواز هدم القبور فكيف بالوجوب، والأخبار التي ما عليها غبار مما ذكرناه ومما لم نذكره ناطقة بمشروعية بنائها وإشادتها وأنها من تعظيم شعائر الله ﴿ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾ (27).
تتمة:
في العام الماضي طبعت في النجف الأشرف رسالة موسومة ب‍ " منهج الرشاد " لأسطوانة من أساطين الدين - الشيخ الأكبر كاشف الغطاء - الذي يعرف كل عارف أنه كان فاتحة السور من فرقان العزائم، وكوكب السحر في سماء العظائم، هو من أفذاذ الأعاظم الذين لا تنفلق بيضة الدهر إلا عن واحد منهم، ثم تعقم عن الإتيان بثانيه إلا بعد مخض طويل من الأحقاب، من غر أياديه - وكم له في العلم من أياد غرر - تلك الرسالة التي رتبها على مقدمة وفصول، عقد كل فصل منها لدفع شبهة من شبهات الوهابية ودحضها بالأدلة القطعية، والأحاديث النبوية الثابتة من الطرق الصحيحة عند أهل السنة، على أن المقدمة وحدها كافية في قمع شبهاتهم، وقلع جذوم مذهبهم، وهدم أساس طريقتهم، وقد أبدع فيها غاية الابداع. ومن بعض أبواب الرسالة: " الباب الرابع: في بناء قبور الأنبياء

(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست