إذا فأي فائدة في إطالة الكلام، وسرد الأحاديث ونضد الأدلة. نعم، فيها تبصرة وتبيان لطالب الحقيقة المجردة عن كل خوف ورجاء، وتحامل وتزلف، ولكن أين هو ذلك الرجل الطالب للحق المجرد عن كل غرض؟! ولئن كان لوح الوجود غير خال منه ففيما ذكرناه غنى له وكفاية.
أما أمير نجد وأجناده وقضاته ومن لف لفهم الذين اتخذوا تلك الدعوى والديانة وسيلة لامتداد سلطتهم، واتساع سطوتهم، وضخامة ملكهم، فلسنا معهم في الخصام وإقامة الحجج إلا كإشراق الشمس على المستنقعات العميقة، في الأودية السحيفة، لا تزيدها تلك الأشعة إلا سخونة وعفونة وانتشار وباء في الهواء.
ليت قائلا يقول لقاضي القضاة - ابن بليهد - ولمفتي علماء المدينة: أتراكم تعتقدون وتعتمدون على كل ما في صحيح مسلم، وتعملون بكل ما ورد من النصوص فيه؟ فإن كنتم كذلك فقد عقد مسلم في صحيحه بابا وأورد عدة أحاديث في أن الخلافة لا تكون إلا في قريش، وأن الأئمة من قريش (29)، بأساليب من البيان، وأفانين من التعبير، وكلها صريحة في أن الخلافة الحقة المشروعة مخصوصة بتلك القبيلة.. ومثله، بل وأكثر منه في صحيح البخاري، وعليه فأين تكون خلافة أمير كم ابن سعود؟ وكيف حال إمامته؟ أهي من قوله تعالى: " وجعلنا منهم أئمة " (30)؟! أم من قوله تعالى لإبراهيم: " إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " (31)؟! وحسبنا هذا القدر، إن اللبيب من الإشارة يفهم!
وأما حديث لعن رسول الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد