الرواية غير صحيحة " (9).
وكأن المتأولين التفتوا إلى كون تأويلاتهم مزيفة، فالتجؤوا إلى القول بأن تلك الآثار " محرفة "... فقد جاء في الإتقان عن ابن أشتة: أنه روى الحديث بإسناده عن عثمان وليس فيه لفظ " اللحن " بل إنه لما نظر في المصحف قال:
" أحسنتم وأجملتم، أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا ". قال: " فهذا الأثر لا إشكال فيه وبه يتضح معنى ما تقدم... ولعل من روى تلك الآثار السابقة عنه حرفها ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان، فلزم ما لزم من الإشكال. فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك ".
قال السيوطي بعد إيراد الأجوبة عن حديث عثمان: " وبعد، فهذه الأجوبة لا يصح منها شئ من حديث عائشة. أما الجواب بالتضعيف فلأن إسناده صحيح كما ترى... " (10).
أقول: هذه عمدة ما ورد في هذا الباب مما التزموا بصحته، وقد عرفت أن لا تأويل صحيح له عندهم، فهم متورطون في أمر خطره عظيم، إما الطعن في القرآن، وإما الطعن في هؤلاء الصحابة الأعيان!!.
ولا ريب في أن نسبة " الخطأ " إلى " الصحابة " أولى منه إلى " القرآن " وسيأتي - في الفصل الخامس - بعض التحقيق في حال الصحابة علما وعدالة، هذا أولا.
وثانيا: إن القول بعدم جواز تكذيب المنقول بعد صحته - كما هو مذهب الحافظ ابن حجر العسقلاني - غير صحيح، إذ الحديث إذا خالف الكتاب أو السنة القطعية أو الضروري من الدين أو المجمع عليه بين المسلمين يطرح وإن كان في الكتب المسماة بالصحاح... كما سيأتي - في الفصل الخامس - ذكر نماذج من ذلك...