مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٢ - الصفحة ٤٩
واختلاقها، من قبل أعداء الإسلام...
فيقول الحكيم الترمذي (18): (... ما أرى مثل هذه الروايات إلا من كيد الزنادقة...) (19) ويقول أبو حيان الأندلسي: (ومن روى عن ابن عباس أن قوله: (حتى تستأنسوا) خطأ أو وهم من الكاتب، وأنه قرأ حتى (تستأذنوا) فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين، وابن عباس برئ من هذا القول) (20).
وهكذا عالج بعض العلماء والكتاب المتأخرين والمعاصرين هذه الأحاديث، فنرى صاحب (المنار) يقول:
(وقد تجرأ بعض أعداء الإسلام على دعوى وجود الغلط النحوي في القرآن، وعد رفع (الصابئين) هنا من هذا الغلط. وهذا جمع بين السخف والجهل، وإنما جاءت هذه الجرأة من الظاهر المتبادر من قواعد النحو، مع جهل أو تجاهل أن النحو استنبط من اللغة ولم تستنبط اللغة منه...) (21).
ويقول: (وقد عد مثل هذا بعض الجاهلين أو المتجاهلين من الغلط في أصح كلام وأبلغه، وقيل: إن (المقيمين) معطوف على المجرور قبله... وما ذكرناه أولا أبلغ عبارة وإن عده الجاهل أو المتجاهل غلطا ولحنا. وروي أن الكلمة في مصحف عبد الله بن مسعود مرفوعة، فإن صح ذلك عنه وعمن قرأها مرفوعة كمالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي كانت قراءة، وإلا فهي كالعدم.
وروى عن عثمان أنه قال: إن في كتابة المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها، وقد ضعف السخاوي هذه الرواية وفي سندها اضطراب وانقطاع.
فالصواب أنها موضوعة، ولو صحت لما صح أن يعد ما هنا من ذلك اللحن، لأنه

(١٨) وهو الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي، صاحب التصانيف، من أئمة علم الحديث، له ترجمة في تذكرة الحفاظ ٢ / 645 وغيرها.
(19) نوادر الأصول.
(20) البحر المحيط 6 / 445.
(21) المنار 6 / 478.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست