منقطع، ولأن عثمان جعل للناس إماما يقتدون به، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها، فإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهم الخيار فكيف يقيمه غيرهم؟! وأيضا: فإنه لم يكتب مصحفا واحدا بل كتب عدة مصاحف.
فإن قيل: إن اللحن وقع في جميعها فبعيد اتفاقها على ذلك، أو في بعضها.
فهو اعتراف بصحة البعض، ولم يذكر أحد من الناس أن اللحن كان في مصحف دون مصحف، ولم تأت المصاحف قط مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءة، وليس ذلك باللحن.
الثاني: على تقدير صحة الرواية، فإن ذلك محمول على الرمز والإشارة.
الثالث: أنه مؤول على أشياء خالف لفظها رسمها... وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشتة في كتاب (المصاحف).
وقال ابن الأنباري في كتاب (الرد على من خالف مصحف عثمان) في الأحاديث المروية عن عثمان في ذلك: (لا تقوم بها حجة، لأنها منقطعة غير متصلة، وما يشهد عقل بأن عثمان وهو إمام الأمة الذي هو إمام الناس في وقته وقدوتهم يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام فيتبين فيه خللا ويشاهد في خطه زللا فلا يصلحه، كلا والله ما يتوهم عليه هذا ذو إنصاف وتمييز، ولا يعتقد أنه أخر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده، وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه والوقوف عند حكمه.
ومن زعم - أن عثمان أراد بقوله: أرى فيه لحنا. أرى في خطه إذا أقمناه بألسنتنا كان الخط غير مفسد ولا محرف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب - فقد أبطل ولم يصب، لأن الخط منبئ عن النطق، فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه، ولم يكن عثمان ليؤخر فسادا في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق، ومعلوم أنه كان مواصلا لدرس القرآن، متقنا لألفاظه، موافقا على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي...
ثم قال ابن أشتة: أنبأنا محمد بن يعقوب، أنبأنا أبو داود سليمان بن