مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٢ - الصفحة ٥١
لكن العجب من ابن حجر لماذا أحال التأويل اللائق إلى غيره وقد كان عليه أن يذكره بنفسه وهو بصدد الدفاع عن الأحاديث الصحاح؟!
نعم، نظر بعضهم في تأويله وذكرت وجوه، فقال الداني بالنسبة إلى ما روي عن عثمان - على فرض صحته -: (وجهه أن يكون أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم).
وأجاب ابن أشتة عن هذه الآثار كلها بأن المراد: (أخطأوا في الاختيار وما هو الأولى للجمع عليه من الأحرف السبعة، لا أن الذي كتب خطأ خارج عن القرآن.
فمعنى قول عائشة: (حرف الهجاء) ألقي إلى الكاتب هجاء غير ما كان الأولى أن يلقى إليه من الأحرف السبعة، وكذا معنى قول ابن عباس: (كتبها وهو ناعس) يعني: فلم يتدبر الوجه الذي هو أولى من الآخر. وكذا سائرها) (25).
وأتعب السيوطي نفسه في هذا المقام، فإنه بعد أن أورد الآثار بين وجه الإشكال فيها وتصدى لتأويلها... ولننقل عبارته كاملة لننظر هل جاء (بما يليق)؟:
قال: (هذه الآثار مشكلة جدا، وكيف يظن بالصحابة أولا: أنهم يلحنون في الكلام فضلا عن القرآن، وهم الفصحاء اللد؟! ثم كيف يظن بهم ثانيا: في القرآن الذي تلقوه من النبي [صلى الله عليه وآله] كما أنزل، وحفظوه وضبطوه وأتقنوه؟! ثم كيف يظن بهم ثالثا: اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته... ثم كيف يظن بهم رابعا: عدم تنبههم ورجوعهم عنه؟!
ثم كيف يظن بعثمان: أنه ينهى عن تغييره؟! ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضى ذلك الخطأ، وهو مروي بالتواتر خلفا عن سلف؟! هذا مما يستحيل عقلا وشرعا وعادة.
وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أجوبة:
أحدها: أن ذلك لا يصح عن عثمان، فإن إسناده ضعيف مضطرب

(25) الإتقان 2 / 329.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست