روايات ظاهرة في الجبر والتفويض وفي التشبيه والتجسيم ونحو ذلك - لكنهم أعرضوا عن ذلك الأحاديث ونفوا وقوع التحريف في القرآن، بل ذهب البعض منهم إلى فهم إجماع الطائفة على ذلك، ومجرد إعراضهم عن حديث يوجب سقوطه عن درجة الاعتبار، كما تقرر في أصول الفقه.
ونحن في هذا المقام نبحث حول سبب إعراضهم عن أخبار التحريف، وقبل الخوض في البحث نقول:
هناك في كتب الإمامية روايات ظاهرة في تحريف القرآن، لكن دعوى كثرتها لا تخلو من نظر، لأن الذي يمكن قبوله كثرة ما ذل على التحريف بالمعنى الأعم (1) وقد جاء هذا في كلام الشيخ أبي جعفر الطوسي فإنه - بعد أن استظهر عدم النقصان من الروايات - قال: (غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شي منه من موضع إلى موضع) وأما ما دل على التحريف بالمعنى الأخص الذي نبحث عنه وهو (النقصان) فلا يوافق على دعوى كثرته، ومن هنا وصفت تلك الروايات في كلمات بعض المحققين كالشيخ جعفر كاشف الغطاء والشيخ محمد جواد البلاغي بالشذوذ والندرة.
وروايات الشيعة في هذا الباب يمكن تقسيمها إلى قسمين:
الأول: الروايات الضعيفة أو المرسلة أو المقطوعة. والظاهر أن هذا القسم هو الغالب فيها، ويتضح ذلك بملاحظة أسانيدها، ويكفي للوقوف على حال أحاديث الشيح الكليني فيها - ولعلها هي عمدتها - مراجعة كتاب (مرآة العقول) للشيخ محمد باقر