وأعتقد أن السبب في الاستثناء، كما يظهر من هذه الموارد، هو كون هذه الأحاديث المستثناة (معللة) سندا أو متنا من حيث الإرسال أو الانقطاع، أو عدم تمييز رواته، أو الخلل في اسمه، أو كونه يعتمد المراسيل أو كونه مدلسا، فتدخل في ذلك الروايات المرفوعة، والمرسلة والمعللة، والمدلسة، والمنقطعة، والمجهولة الراوي، وحتى الغريبة، وهذا يسمى (تخليطا) في مصطلح علماء الحديث وهو أعم مما ذكره الصدوق (288).
قال الشيخ العاملي: من (خلط) لذهاب بصر أو لخرف، أو فسق، أو بدعة، أو كفر بغلو ونحوه، قبل ما حدث به قبل ذلك (289).
فالظاهر أن (التخليط) مسبب عن الأمور المذكورة، والتي منها الكفر ومن أنواعه الغلو، فالغلو سبب قد يؤيدي بمعتقده إلى التخليط، لا أنه عينه، بل هو في عرض أسبابه، ومن المعلوم: أن التخليط الحاصل من ذهاب البصر أو الخرف إنما يكون فسادا حسيا في الرواية سندا أو متنا، بنقص أو زيادة أو تصحيف وما أشبه، ولا مساس له مباشرة بالمعنى الاعتقاد.
ويؤيد ذلك أن بعض الثقات والأجلاء نسب إلى التخليط.
قال بعضهم: الظاهر أن المراد بقولهم (مخلط) من لا يبالي عمن يروي وممن يأخذ بين الغث والسمين، وليس هذا طعنا في الرجل، وإلا، كيف يقول الحمصي، في ابن إدريس: (مخلط) (290).
أقول: روى الكشي قال: محمد بن مسعود قال: سألت علي بن الحسن بن فضال عن أبي بصير؟
فقال: اسمه يحيى بن أبي القاسم، أبو بصير، كان يكنى أبا محمد، وكان مكفوفا.
فسألته: هل يتهم بالغلو؟