والعلوم، كاللغوية وإن كثرت، والتفسيرية وإن قلت، أو ما تداولته طائفة من العماء بالهيئة أو الكيمياء أو علم الأعداد والحروف وغيرها، بل غاية جهدنا كان في حل الرموز الفقهية والحديثية والرجالية وما تعارف عليه النساخ عند النسخ، أو العلماء عند الإملاء.
ولا يخفى أنا ارتأينا أن يكون البحث مبوبا على فصلين:
أولهما: الرموز، وهي الاختصارات التي سبق الحديث عنها.
ثانيهما: الإشارات، ونعني بها ذكر بعض الأعلام الشيعية الذين عرفوا باسم، أو كنية، أو لقب، أو شهرة معينة، وقد يذكرون بغيرها، أو ينسبون إلى مصنفاتهم أو إلى بلدانهم أو إلى مشايخهم وأساتذتهم، أو غير ذلك، وغالبا ما يغفل عن ذلك الباحث، مما حدا بنا إلى ذكرهم مرتبا على حروف المعجم، وبشكل مختصرا جدا.
ومما تجدر الإشارة إليه اختلاف أنظار جمهور العلماء في الرموز والإشارات قديما وحديثا، سلبا وإيجابا، استحبابا وكراهة. فقد حبذه القدماء جدا، وعملوا به طرا لدواع يمكن إجمال أهمها بما يلي:
أولا: اختزال الوقت كتابة وقراءة.
ثانيا: الاقتصاد في الورق الغالي - آنذاك - والنادر.
ثالثا: عدم وجود الطباعة وانحصار نشر الكتب وبثها في النسخ والاملاء.
ولا شك أن الرمز يسهل عملية الكتابة وسرعتها، وقد حكى الدكتور المنجد في حاشية قواعد التحقيق: 21، عن ابن عساكر في مقدمة كتابه " معجم النبل " - مخطوط - قوله: " وجعلت لكل واحد من هؤلاء حرفا يدل عليه تخفيفا على الكاتب العجل - ثم قال - لأن الأجزاء تنوب عن الجمل "، وقول ابن داود في رجاله:
ص 3: ".. وضمنته رموزا تغني عن التطويل، وتنوب عن الكثير بالقليل ".
ومن هنا انصبت الرموز والاختصارات على الكتب والكلمات التي يكثر دورانها ويتكرر ذكرها، بل قد ترد في النصوص ألفاظ وجمل تعاد كثيرا كمثل الصلاة على النبي - صلوات الله عليه وعلى آله -، والسلام على الأئمة - عليهم السلام -، والترحم والترضي بعد ذكر الرواة والعلماء، وألفاظ التحديث والأخبار والأنباء في الروايات وأسانيد الأحاديث، تشتد الدواعي عند الأقدمين بل وحتى المتأخرين