القائلين بتحريف القرآن والعياذ بالله فإنهم لا يفقهون.
نعم، لا تخلو كتب الشيعة وكتب السنة من أحاديث ظاهرة بنقص القرآن غير أنها مما لا وزن لها عند الأعلام من علمائنا أجمع، لضعف سندها، ومعارضتها بما هو أقوى منها سندا، وأكثر عددا، وأوضح دلالة، على أنها من أخبار الآحاد، وخبر الواحد إنما يكون حجة إذا اقتضى عملا، وهذه لا تقتضي ذلك، فلا يرجع بها عن المعلوم المقطوع به، فليضرب بظواهرها عرض الحائط " (35).
وسئل السيد محمد هادي الميلاني عن رأيه في المسألة فأجاب بما معربه:
" بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، إن الذي نقطع به هو عدم وقوع أي تحريف في القرآن الكريم، لا زيادة ولا نقصانا ولا تغييرا في ألفاظه، ولو جاء في بعض الأحاديث ما يفيد التحريف فإنما المقصود من ذلك ما وقع من تغيير معاني القرآن حسب الآراء السقيمة والتأويلات الباطلة، لا تغيير ألفاظه وعباراته.
وأما الروايات الدالة على سقوط آيات أو سور من هذه المعجزة الخالدة فمجهولة أو ضعيفة للغاية، بل إن تلك الآيات والسور المزعومة - كالسورتين اللتين رواهما في " الإتقان " أو تلك السورة التي رويت في " بستان المذاهب "، وكذا ما جاء في غيرهما من الكتب - هي وحدها تكشف عن حقيقتها، إذ لا يشك الخبير بعد عرضها على أسلوب القرآن البلاغي في كونها مختلقة باطلة.
هذا على أن أحدا لم يقل بالزيادة، والقول بنقصانه - كما توهمه بعضهم - لا يمكن الركون إليه، لا سيما بعد الالتفات إلى قوله تعالى " إن علينا جمعه وقرآنه " وقوله تعالى " وإنا له لحافظون " وقوله تعالى " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " إلى غيرها من الآيات.
وبهذا الذي ذكرنا صرح كبار علماء الإمامية منذ الطبقات الأولى كالشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي، وهم جميعا يعتقدون بما صرح به رئيس المحدثين الشيخ الصدوق في كتاب " الاعتقادات " الذي ألفه قبل أكثر