كالأدوات، من ناحية عدم استقلالها بالمعنى، أن تتحمل (وظيفة) غير وظيفة الأداة، فتصبح فاعلا، ومفعولا، ومبتدأ ونعتا، ومضافا إليه، وأمثال ذلك مما لا يمكن للأدوات أن تتحمله؟!
والجواب: أن (نا) في (طلابنا) ليست هي المضاف إليه حقيقة، بل هي كناية) عن المضاف إليه، فكان الأصل: نجح طلاب المتكلمين) وجعلنا (نا) كناية عنهم، و (الواو) ليس هو فاعل (امتحن) حقيقة، بل كناية عن الفاعل الحقيقي الذي هو (الطلاب. و (الذين) ليس هو النعت حقيقة، بل كناية عن النعت لأن النعت الحقيقي هو (الممتحنون) وجعلنا (الذين) كناية عنهم، وهكذا. فكل من الضمير والموصول يصلح لأن نكنى به عن كل ما هو اسم أو صفة، فهو من حيث هذه السعة في مدلوله صار غير مستقل المعنى، واحتاج، في فهم معناه، إلى ما يوصل به أو يعود عليه، ومن حيث تعبيره عن الاسم والصفة أمكن أنا يأخذ ما لهما من وظيفة نحوية.
ومن أجل هذا التحليل يحق لنا أن نعتبر المبهمات - الضمائر والموصولات وما يشبهها - قسما مستقلا عن الأسماء والحروف، لأن الذي يخرجها من (الاسم) كونها غير مستقلة المعنى كالأسماء، والذي يخرجها من (الحرف) كونها غير رابطة كالحروف، ولا مانع من تسميتها ب (الكنايات) تبعا لباحث نحوي أصيل هو الدكتور المخزومي الذي جعل الضمائر، والإشارة، والموصولات، وأسماء الشرط. والاستفهام كلها في قسم مستقل سماه (الكناية) (20)، ويساعد ما اختاره لها من تسمية أن الكوفيين قديما كانوا يسمون الضمائر بالكنايات، وبعض البصريين يقول إنها نوع من المكنيات (21) كما أن ابن حزم جعل بعض فصول كتابه الأصولي بعنوان " الكناية بالضمير " (22) كذلك جعل الرضي بابا للكنايات عد منها أسماء الاستفهام وأسماء الشرط (23).
ونستطيع نحن أن نضيف إليها بعض ما يكنى به عن الزمان والمكان مما يسميه النحاة (ظرفا) مثل (حيث، وإذ، وإذا، وأين، ومتى) ومنا يشبهها مما سيأتي