أقتدي بك أبدا، قال: وكيف ذلك؟، قال: لأني وجدتك حائضا في صلاتك، خائضا في دماء النساء، فصدقه المرتضى وأنصف والتفت إلى أنه أرسل ذهنه في أثناء تلك الصلاة إلى التفكر في مسألة من مسائل الحيض وربما يحكى أن الرضي بمجرد أن انكشف له الحالة المزبورة انصرف من صلاته وأخذ في الويل والعويل، وأظهر الفزع الطويل في تمام السبيل إلى أن بلغ المنزل بهذه الحالة، فلما فرغ المرتضى أتى المنزل من فوره وشكا ما صنعه به إلى أمه، فعاتبته على ذلك فاعتذر عندها بما ذكر، وأنه كان يتفكر إذ ذاك في مسألة من الحيض، سألتها عنه بعض النسوة في أثناء مجيئه إلى الصلاة (7).
تساؤلات حول القصة وهذه القصة تحيط بها إبهامات عديدة وتساؤلات عويصة نشير إليها:
أولا: هل الفكرة الشرعية الصحيحة إذا راودت ذهن الإنسان في أوقات الصلاة أو غيرها توجب تمثل الإنسان بنفس تلك الفكرة عند أرباب البصائر وذوي العيون البرزخية، الذين يستطيعون مشاهدة ما وراء الحجب والستور ببصائرهم؟
فلو غاص الإنسان في أحكام السرقة أو حد الزنا والقذف، فهل يوجب ذلك أن يتمثل المفكر فيها عند من يعاين الأشياء بأبصار حديدة، سارقا وزانيا وقاذفا!؟ لا أظن أن يتفوه بهذا أي حكيم نابه أو عارف بصير، بل لازم تلك البصيرة أن يعاين صاحبها الأشياء على ما هي عليه فيرى مثلا الرضي صاحب تلك البصيرة أخاه الفقيه على الحالة التي هو عليها، أي متفكرا ومتعمقا في مسألة فقهية منشغلا بها لا خائضا في الدماء.
ثانيا: إن القصة تكذب نفسها، فإن لازم رجوع النساء إلى المرتضى في المسائل المختصة بالنساء، هو كون المسؤول من ذوي الشخصيات الضاربة في الأربعين عاما أو