فردت جوابا والدموع بوادر * وقد آن للشمل المشتت ورود فهيهات عن ذكرى حبيب تعرضت * لنا دون لقياه مهامه بيد فأتيت بها إلى المرتضى فلما قرأها ضرب بعمامته الأرض، وقال: يعز علي أخي، يقتله الفهم بعد أسبوع، فما دار الأسبوع إلا وقد مضى الرضي إلى رحمة الله سبحانه (5).
ومما يكشف عن شدة التلاحم والارتباط والود بين هذين الأخوين العلمين، أنه لما توفي السيد الرضي وحضر الوزير فخر الملك وجميع الأعيان والأشراف والقضاة جنازته والصلاة عليه، مضى أخوه المرتضى عن جزعه عليه إلى مشهد موسى بن جعفر - عليه السلام - لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته ودفنه، وصلى عليه فخر الملك أبو غالب، ومضى بنفسه آخر النهار إلى أخيه المرتضى بالمشهد الشريف الكاظمي فألزمه بالعود إلى داره.
نرى أن المرتضى يصب عواطفه الرفيعة وحنانه في الأبيات التالية:
يا للرجال لفجعة جذمت يدي * ووددت لو ذهبت علي برأسي ما زلت آبى وردها حتى أتت * فحسوتها في بعض ما أنا حاسي ومطلتها زمنا فلما صممت * لم يثنها مطلي وطول مكاسي لله عمرك من قصير طاهر * ولرب عمر طال بالأدناس (6) هذا بعض ما حفظ التاريخ من تفاني كل من الأخوين بالنسبة إلى الآخر.
غير أن هناك شرذمة من أهل السير والتراجم لم يتحملوا ما وجدوه بين هذين الأخوين من العطف والمودة، والأدب والأخلاق والفضائل والمناقب، فعادوا ينسبون إليهما ما لا تصح نسبته إلى من هو أدون منهما بدرجات، وإليك بعض هذه التهم التي تكذبها سيرة العلمين وحياتهما المشرقة.
1 - المرتضى خائض في دماء يحكى أنه اقتدى الرضي يوما بأخيه المرتضى في بعض صلاته، فلما فرغ قال: